تمويلات القطاع الخاص تكسر حاجز 16 مليار دولار وتدفع مؤشرات النمو المستدام

نجح الاقتصاد المصري في حشد تمويلات ميسرة للقطاع الخاص بقيمة تتجاوز 16 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية، بالتزامن مع ارتفاع مساهمة الاستثمارات الخاصة لتشكل 60% من إجمالي الاستثمارات في عام 2025. يعكس هذا التحول نجاح «السردية الوطنية للتنمية» في تعزيز الشراكات الدولية، ودفع معدلات النمو للصعود إلى 5% في الربع الأخير، مع التركيز الاستراتيجي على قطاعات التصنيع، التكنولوجيا، والطاقة المتجددة.


السردية الوطنية للتنمية ومسار التحول الهيكلي

تُشكل السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، التي أطلقتها الحكومة المصرية في سبتمبر 2025، الإطار المرجعي الحاكم للسياسات المالية والنقدية الحالية، حيث تهدف إلى تحويل الاقتصاد نحو نموذج يعتمد على الإنتاجية والتصدير. استعرضت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، خلال لقاء موسع مع مجتمع الأعمال والمؤسسات المالية اليابانية، ركائز هذا النموذج الجديد الذي يتجاوز الإصلاحات التقليدية إلى تغيير هيكلي شامل يضمن استدامة النمو.

ترتكز السياسات الداعمة للنمو والتشغيل على تعظيم العائد من البنية التحتية الضخمة التي تم تشييدها منذ عام 2014، والتي شملت تطوير الموانئ، وتحديث شبكات الكهرباء، وتعزيز اللوجستيات. وقد مهدت هذه الاستثمارات الطريق لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، خاصة بعد نقطة التحول المحورية في مارس 2024، التي شهدت تبني سياسات نقدية منضبطة ووضع سقف ملزم للاستثمارات العامة، مما أفسح المجال للقطاع الخاص لقيادة قاطرة التنمية.

مفهوم السردية الوطنية للتنمية (2025):
إطار استراتيجي شامل يربط بين رؤية مصر 2030 وبرامج الإصلاح الهيكلي، يهدف إلى تعميق التصنيع المحلي، توطين التكنولوجيا، وزيادة تعقيد المنتجات التصديرية، مع جداول زمنية دقيقة لضمان الشفافية والحوكمة في إدارة أصول الدولة.

خريطة التمويلات الدولية ومحفزات الاستثمار الأجنبي

سجلت تمويلات القطاع الخاص قفزة نوعية بفضل الشراكات الاستراتيجية مع مؤسسات التمويل الدولية، حيث تم تأمين أكثر من 16 مليار دولار كتمويلات ميسرة، مدعومة بضمانات استثمارية قوية، لا سيما من الاتحاد الأوروبي. وأكدت «المشاط» أن الشركات اليابانية والعالمية التي تسعى لدخول السوق المصرية باتت تعتمد على ثلاثة مؤشرات رئيسية: معدلات النمو الحقيقية، سهولة الوصول إلى التمويل، ووضوح الأجندة الاقتصادية، وهي عوامل باتت متوفرة بفضل الإصلاحات الأخيرة.

تتصدر قطاعات الاقتصاد الحقيقي أولويات الجذب الاستثماري، حيث تحتل مصر مرتبة متقدمة في مؤشر التعقيد الاقتصادي بين 145 دولة، مما يعكس قدرة الصناعة الوطنية على دمج المكون التكنولوجي. كما يبرز قطاع الطاقة المتجددة كأحد أهم مجالات التعاون، حيث يتيح برنامج «نُوَفّي» فرصاً واعدة للشركات اليابانية للاستثمار في طاقة الرياح والشمس بتمويلات ميسرة، مستفيداً من التقدم المصري في مؤشر التعقيد البيئي.

المؤشر الاقتصاديالقيمة / النسبةالملاحظات
حجم التمويلات الميسرة16 مليار دولارموجهة للقطاع الخاص خلال 5 سنوات
مساهمة الاستثمار الخاص60%من إجمالي الاستثمارات الكلية
معدل النمو (الربع الأخير)5%ارتفاعاً من 4.4% للعام المالي
القطاعات القائدةالصناعة، التكنولوجيا، السياحةالمساهمون الأكبر في الناتج المحلي

مؤشرات الأداء المالي والقطاعات القائدة للنمو

أظهرت مؤشرات الاقتصاد الكلي مرونة عالية في مواجهة الصدمات العالمية، حيث حافظ معدل النمو على استقراره عند 2% في ذروة الأزمات، قبل أن يعاود الصعود القوي ليسجل 4.4% بنهاية العام المالي، ويصل إلى 5% في الربع الأخير من 2025. وتُعد الصناعات التحويلية المساهم الأكبر في الناتج المحلي الإجمالي، مدعومة بقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الذي يشهد طفرة في تصدير الخدمات الرقمية، بالإضافة إلى قطاع السياحة الذي يواصل تحقيق عوائد قياسية.

تعتمد الدولة سياسة ربط حوافز التصدير بدرجة التعقيد الصناعي، مما يشجع المصنعين على إنتاج سلع ذات قيمة مضافة عالية بدلاً من تصدير المواد الخام. هذا التوجه يتكامل مع جهود تحسين مناخ الأعمال، حيث تم تفعيل وحدة الشركات المملوكة للدولة لتعزيز التنافسية الحيادية، وضمان عدم مزاحمة الدولة للقطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية.

برنامج الطروحات والشراكة مع المؤسسات اليابانية

تتجه الحكومة نحو تسريع وتيرة برنامج الطروحات الحكومية كآلية لتعظيم العائد على الأصول، حيث يجري التعاون حالياً مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC) لطرح إدارة وتشغيل 11 مطاراً أمام القطاع الخاص. وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية أوسع تشمل الصندوق السيادي ووحدة الطروحات، وتستهدف جذب الخبرات العالمية والسيولة الأجنبية، مع وجود هيكل حوكمة صارم لضمان حقوق الأجيال القادمة في أصول الدولة.