تعزيز الجهاز المناعي | منى البلوشي

في عالم تتسارع فيه وتيرة الحياة وتزداد فيه التّحديات الصحية، أصبح تعزيز المناعة مطلباً أساسياً للحفاظ على الصحة العامة وجودة الحياة، فالجهاز المناعي هو خط الدفاع الأول في جسم الإنسان، والمسؤول عن مقاومة الفيروسات والبكتيريا والأمراض المختلفة، بل إنّه يُعدّ أحد أهم أسرار طول العمر والحياة الصّحية.
وبما أن دولتنا تولي اهتماماً بالغاً بصحة مواطنيها والمقيمين على أرضها، فقد أصبحت التوعية بأساليب تعزيز المناعة جزءاً من الخطاب الصّحي الوطني الذي يدعو إلى تبني أنماط حياة صحية تشمل التغذية السليمة والنشاط البدني والصحة النفسية والنوم الكافي.
فالغذاء هو الوقود الذي يمدّ الجسم بالعناصر الضرورية لبناء المناعة، فتناول الخضروات والفواكه الغنية بالفيتامينات يعزز قدرة الجسم على مقاومة الأمراض، ويعدّ تناول كميات كافية من الماء عاملاً أساسياً لطرد السّموم وتنشيط الدورة الدموية.
والنوم والراحة يعتبران وقود المناعة الصامت، فيظن البعض أن النوم رفاهية، لكن في الحقيقة هي ضرورة بيولوجية لتعافي الجسم وتجديد نشاطه، فالنوم الكافي الذي يتراوح بين 6- 8 ساعات، يسهم في تحسين أداء الخلايا المناعية وتقليل مستويات التوتر، وكذلك الرياضة لا تقتصر على تحسين المظهر الجسدي فقط بل تمتد فوائدها إلى تعزيز المناعة من خلال تنشيط الدورة الدموية وتحفيز إنتاج خلايا الدم البيضاء.
والصحة النفسية تعتبر العامل الخفي في قوة المناعة، فالتوتر المزمن والقلق المستمر يضعفان المناعة بشكل ملحوظ، فعندما يعيش الإنسان حالة من التوتر، يفرز الجسم هرمونات مثل الكورتيزول التي تُعيق عمل الخلايا المناعية، ومن هنا تأتي أهمية الاسترخاء واليوغا وقضاء الوقت مع الأسرة والأصدقاء، فهي جميعها وسائل فعّالة لدعم المناعة النفسية والجسدية.
وللتوعية الإماراتية دور جوهريّ، حيث تعمل المؤسسات الصحية في دولتنا مثل وزارة الصحة ووقاية المجتمع وهيئة الصحة على تعزيز ثقافة الوقاية من خلال حملات التوعية وبرامج التغذية المدرسية والمُبادرات الرياضية المجتمعية، وقد أثبتت الجهود فاعليتها في نشر الوعي الصحي بين جميع الفئات العمرية، ما يعكس رؤية الدولة في بناء مجتمع صحيّ.
المناعة ليست مهمة مؤقتة أو مرتبطة بانتشار الأمراض الموسمية بل هي أسلوب حياة متكامل، يبدأ من العادات اليومية البسيطة، مثل تناول طعام صحي والحفاظ على اللياقة والنوم الجيد والابتعاد عن التوتر، فالمناعة القوية لا تُشترى بالأدوية فقط، بل تُبنى بالوعي والالتزام بنمط حياة متوازن، إنّها مسؤولية فردية ومُجتمعية في آنٍ واحدٍ، تعكس وعياً صحيّاً يليق بمجتمع الإمارات المتقدم الذي يجعل صحة الإنسان محور اهتمامه وأساس استدامة تطوره، لتبقى الصحة هبة عظيمة، لا يدرك قيمتها إلا من فقدها.

[email protected]