أنهى الذهب عام 2025 محققًا أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979، بقفزة بلغت 63% في السوق المحلية المصرية و73% عالميًا، وهو ما يعود بشكل أساسي إلى ثلاثة محركات رئيسية: تكثيف البنوك المركزية لمشترياتها بهدف تقليص الاعتماد على الدولار، وتصاعد معدلات التضخم عالميًا، والتوقعات المتزايدة بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيتجه نحو خفض أسعار الفائدة.
وشهد الأسبوع الأخير من العام تسارعًا في هذه المكاسب، حيث ارتفعت أسعار الذهب محليًا بنسبة 5%، ليربح جرام الذهب عيار 21 نحو 285 جنيهًا ويغلق عند مستوى 6075 جنيهًا مقارنة بـ 5790 جنيهًا في بداية الأسبوع. وعلى الصعيد العالمي، صعدت الأوقية بنسبة 4.5%، مضيفة 194 دولارًا لتغلق عند 4533 دولارًا، بعد أن سجلت مستوى قياسيًا عند 4555 دولارًا. وبلغ سعر جرام الذهب عيار 24 نحو 6943 جنيهًا، وعيار 18 حوالي 5207 جنيهات، بينما وصل الجنيه الذهب إلى 48600 جنيه.
تُفسر هذه القفزة التاريخية بتضافر عدة عوامل، أبرزها استمرار الطلب القوي من البنوك المركزية التي تسعى لتنويع احتياطياتها، وضعف الدولار الذي يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب كأصل لا يدر عائدًا. كما أدت المخاطر الجيوسياسية إلى تعزيز جاذبية المعدن كملاذ آمن، في حين تسببت سيولة التداول المنخفضة خلال عطلات نهاية العام في تضخيم حدة تحركات الأسعار.
ما هي توقعات أسعار الذهب في 2026؟
يتوقع بنك جولدمان ساكس أن يواصل الذهب مساره الصاعد في عام 2026، مرشحًا إياه لتجاوز مستوى 4900 دولار للأوقية، معتبرًا إياه أفضل رهان استثماري في أسواق السلع. ويستند البنك في توقعاته إلى استمرار الطلب القوي من البنوك المركزية، بمعدل شراء متوقع يبلغ 70 طنًا شهريًا، بالإضافة إلى وجود فرصة لتدفقات استثمارية جديدة من المستثمرين الأفراد الذين لا تزال مشاركتهم محدودة نسبيًا عبر صناديق المؤشرات المتداولة.
من المهم إدراك أن هذا الصعود قد لا يكون خطيًا. فبحسب تقديرات البنك، قد يشهد الذهب تراجعًا مؤقتًا نحو مستوى 4200 دولار للأوقية خلال الربع الأول من عام 2026، قبل أن يستأنف ارتفاعه ليسجل قممًا تاريخية جديدة بنهاية العام. هذا التصحيح المحتمل يعكس طبيعة الأسواق المتقلبة ولا ينفي الاتجاه الصاعد العام المدعوم بأساسيات قوية.
لماذا يضعف الدولار رغم قوة الاقتصاد الأمريكي؟
يكمن السبب في أن قوة الاقتصاد الأمريكي وحدها لم تعد كافية لدعم الدولار في مواجهة عوامل ضاغطة أخرى. فتوجهات الاحتياطي الفيدرالي نحو تيسير السياسة النقدية، والتي تجلت في خفض الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في النصف الثاني من 2025 وتوقعات بثلاثة تخفيضات إضافية في 2026، تقلل من جاذبية الدولار. بالإضافة إلى ذلك، فإن العجز الحكومي الكبير والمخاوف المتعلقة باستدامة الديون الأمريكية، إلى جانب الاتجاه العالمي لتنويع الاحتياطيات بعيدًا عن الدولار، كلها عوامل تفرض ضغوطًا هبوطية على العملة.
هناك تباين في آراء المؤسسات المالية، فبينما يرى بنك ويلز فارجو أن قوة الاقتصاد الأمريكي قد تدعم الدولار لتحقيق ارتفاع طفيف، يعتقد محللون آخرون أن الدولار مرشح لإنهاء عام 2026 على انخفاض بنحو 9%، وهو ما يصب مباشرة في صالح الذهب والمعادن النفيسة الأخرى التي ارتفعت أسعارها بأكثر من 65% خلال الاثني عشر شهرًا الماضية بفضل ضعف الدولار.
وعلى المدى الأوسع، يمثل التوجه العالمي نحو التنويع بعيدًا عن الدولار دعمًا هيكليًا للذهب. فمنذ عام 2022، حافظت البنوك المركزية على وتيرة شراء سنوية تقارب 1000 طن، ومن المتوقع أن تستمر هذه الوتيرة عند مستويات قوية تتراوح بين 750 و900 طن في 2026، مما يعزز دور الذهب كأصل احتياطي رئيسي ويؤمن استمرارية الطلب عليه في الأجل المتوسط.
تابعنا على جوجل نيوز
قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..
متابعة