كشف المهندس علاء السقطي، رئيس اتحاد مستثمري المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أن عام 2025 يمثل نقطة تحول حاسمة في النظام الاقتصادي العالمي، حيث تراجع مفهوم العولمة المفتوحة لصالح «الاقتصاد الوطني» وسياسات الاكتفاء الذاتي. وأرجع السقطي هذا التحول الجذري إلى تراكم ثلاث أزمات دولية متتالية (جائحة كورونا، الحرب الروسية الأوكرانية، وحرب غزة)، والتي أجبرت الدول الكبرى والناشئة على إعادة هندسة أولوياتها لتأمين احتياجاتها الأساسية محلياً بدلاً من الاعتماد على سلاسل إمداد خارجية أثبتت هشاشتها.
كيف أعادت الأزمات تشكيل خريطة الإنتاج العالمي؟
بدأ تفكيك منظومة الاعتماد المفرط على الاستيراد مع جائحة كورونا، التي لم تكن مجرد أزمة صحية، بل كاشفاً لخطورة الاعتماد على الخارج؛ إذ أدى الإغلاق الكامل وتوقف الشحن الجوي إلى عجز دول كبرى عن توفير سلعها الحيوية. هذا الاضطراب دفع الحكومات فوراً إلى تبني استراتيجيات بديلة ترتكز على الموارد الذاتية لضمان الأمن القومي الغذائي والصناعي، وهو ما مهد الطريق لتقليص نفوذ العولمة.
وتعمق هذا التوجه مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، التي قدمت درساً عملياً في «التصنيع الاضطراري». فبعد انسحاب الشركات الأجنبية من السوق الروسية، لم تقف الشركات الوطنية هناك مكتوفة الأيدي، بل سارعت لتصنيع بدائل محلية تحاكي المنتجات المنسحبة، مما أثبت قدرة الصناعة الوطنية على ملء الفراغ عند الضرورة القصوى.
تأثير المقاطعة وتغير سلوك المستهلك
شكلت الحرب الإسرائيلية على غزة العامل الثالث والمؤثر في تغيير سيكولوجية المستهلك عالمياً ومحلياً. تصاعد حملات المقاطعة الشعبية لمنتجات الدول الداعمة لإسرائيل لم يكن مجرد موقف سياسي، بل تحول إلى فرصة اقتصادية ذهبية للمنتج المحلي. هذا التحول خلق طلباً حقيقياً على البدائل الوطنية، مما شجع المصانع على رفع طاقاتها الإنتاجية وتحسين الجودة لتلبية احتياجات سوق بات يفضل «صنع في بلده».
استراتيجية مصر: توطين الصناعة كبديل للاستيراد
في السياق المصري، تعاملت الدولة مع هذه المتغيرات برؤية استباقية تهدف لتقليل الفاتورة الاستيرادية. ركزت الحكومة على توطين الصناعات الحيوية وتنويع مصادر التسليح، مع تعزيز دور مؤسسات كبرى مثل «الهيئة العربية للتصنيع» والإنتاج الحربي لضمان استقلالية القرار الاقتصادي.
والتقط القطاع الخاص المصري هذه الإشارة بذكاء، حيث سارع المستثمرون لضخ أموالهم في إنتاج بدائل للسلع التي شملتها المقاطعة أو التي تعثر استيرادها. هذا التوجه لم يوفر العملة الصعبة فحسب، بل رفع تنافسية المنتج المصري وفتح أبواباً جديدة للتشغيل والنمو، مؤسساً لاقتصاد أكثر صلابة في مواجهة الصدمات الخارجية.
تابعنا على جوجل نيوز
قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..
متابعة